Skip to main content

سيظل الفقراء والمسحوقين وقودا للحروب البورجوازية طالما أنهم لا يصارعون لحساب تحررهم الخاص والحركة القومية العربية بيسارها ويمينها هي الوجه الآخر للحركة القومية الصهيونية كلاهما يضع الشغيلة وعموم الكادحين رهينة نزاعاتهم التي هي ليست سوى نزاعات المنافسة الرأسمالية.....لنتذكر كيف أن دولة اسرائيل والبورجوازية الفلسطينية قد سارعا الى عقد اتفاقات بينهما للحيلولة دون تطور الانتفاضة الأولى والثانية (اتفاقات أوسلو) ولقطع الطريق أمام أي تضامن بين الشغيلة الفلسطينيين واخوانهم في اسرائيل الذين بدأت تظهر احتجاجاتهم وتنامت في صفوفهم موجة رفض الانخراط في الجيش ورفض القتال، وذلك بتغذية النزعات الأكثر شوفينية وعنصرية، علما وأن دولة اسرائيل هي من درب أولى دفعات الحرس الخاص بدولة فلسطين، وهي من يدفع لها شهريا جزء من ميزانيتها.


الحرب الحالية هي من جهة اسرائيل تأتي كرد على تنامي الحركة الاجتماعية من اضرابات واسعة وحتى مظاهرات ضد آثار الأزمة الاقتصادية التي تضرب بقوة منذ 2011، وهذا يهدف خلق حالة "وحدة وطنية" تسمح لآلة القمع بكتم كل نفس احتجاجي باسم الدفاع عن "الدولة المهددة بالعصابات الارهابية وصواريخها" ..ومن جهة فلسطين فالميليشيات النظامية المسلحة المسماة مقاومة وسلطة حماس خاصة تسعى لاعادة ترتيب موقعها الاقليمي الذي خسرته نتيجة انفصالها عن النظام السوري كما للتغطية عن فشلها في توفير الحاجيات الأساسية لعموم الجماهير بينما يتمتع قادتها وبيروقراطيوها وعسكرها بالامتيازات والموارد المالية الآتية من الخارج وخاصة من بعض دول الخليج وايران....

لا شيء يمكنه ايقاف المجزرة (وهي ليست الأولى) الا الانتفاضة الجماهيرية ليس ضد دولة اسرائيل فحسب بل ضد الدولة الفلسطينية نفسها سواء اتخذت شكلا رسميا او شكل ميليشيات مسلحة هي بمثابة الجيش الدائم المدفوع الأجر، وتطور الاحتجاجات الاجتماعية في اسرائيل وهو ما من شأنه أن يقوض كل الأساطير العنصرية المؤسسة لهذه الدولة. وكل ذلك مشروط بظهور حالة تضامن أممية على أساس طبقي في مواجهة النظام الراسمالي وبربريته الهمجية....

أما دعوات "المساندة" المنافقة والتي في أغلبها تنطلق من نفس النزعة العنصرية القومية (ايديولوجية دولة اسرائيل ايضا) فانها اضافة لكونها استثمار سياسي في دماء الفقراء، فهي المحفز للمجازر القادمة....أما هذه المجزرة واذا لم تتطور الى حالة انتفاضية فانها ستنتهي باتفاقات "تهدئة" كالعادة، وستكون تلك الاتفاقيات تجسيدا لموازين القوى مابين البورجوازيات اقليميا وعالميا

محمد مثلوثي، تونس 15 يوليو 2016

Comments